المسألة الخامسة: في قوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } بحثان:
البحث الأول: أن كلمة لعل للترجي والإشفاق، تقول لعل زيداً يكرمني وقال تعالى:
{ لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ }
[طه: 44]،
{ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ }
[الشورى: 17] ألا ترى إلى قوله:
{ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا }
[الشورى: 18] والترجي والإشفاق لا يحصلان إلا عند الجهل بالعاقبة وذلك على الله تعالى محال، فلا بدّ فيه من التأويل وهو من وجوه:
{ لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ }
[طه: 44]،
{ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ }
[الشورى: 17] ألا ترى إلى قوله:
{ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا }
[الشورى: 18] والترجي والإشفاق لا يحصلان إلا عند الجهل بالعاقبة وذلك على الله تعالى محال، فلا بدّ فيه من التأويل وهو من وجوه:
أحدها: أن معنى «لعل» راجع إلى العباد لا إلى الله تعالى فقوله: { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ } أي اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما في إيمانه، ثم الله تعالى عالم بما يؤول إليه أمره.
وثانيها: أن من عادة الملوك والعظماء أن يقتصروا في مواعيدهم التي يوطنون أنفسهم على إنجازها على أن يقولوا لعل وعسى ونحوهما من الكلمات، أو للظفر منهم بالرمزة، أو الابتسامة أو النظرة الحلوة فإذا عثر على شيء من ذلك لم يبق للطالب شك في الفوز بالمطلوب فعلى هذاالطريق ورد لفظ لعل في كلام الله تعالى.
وثالثها: ما قيل أن لعل بمعنى كي، قال صاحب «الكشاف»: ولعل لا يكون بمعنى كي، ولكن كلمة لعل للأطماع، والكريم الرحيم إذا أطمع فعلى ما يطمع فيه لا محالة تجري أطماعه مجرى وعده المحتوم، فلهذا السبب قيل لعل في كلام الله تعالى بمعنى كي.
ورابعها: أنه تعالى فعل بالمكلفين ما لو فعله غيره لاقتضى رجاء حصول المقصود، لأنه تعالى لما أعطاهم القدرة على الخير والشر وخلق لهم العقول الهادية وأزاح أعذارهم، فكل من فعل بغيره ذلك فإنه يرجو منه حصول المقصود، فالمراد من لفظة لعل فعل ما لو فعله غيره لكان موجباً للرجاء.
خامسها: قال القفال: لعل مأخوذ من تكرر الشيء كقولهم عللا بعد نهل، واللام فيها هي لام التأكيد كاللام التي تدخل في لقد، فأصل لعل عل، لأنهم يقولون علك أن تفعل كذا، أي لعلك، فإذا كانت حقيقته التكرير والتأكيد كان قول القائل: افعل كذا لعلك تظفر بحاجتك معنا. افعله فإن فعلك له يؤكد طلبك له ويقويك عليه.
البحث الثاني: أن لقائل أن يقول: إذا كانت العبادة تقوى فقوله: { ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } جار مجرى قوله: اعبدوا ربكم لعلكم تعبدون. أو اتقوا ربكم لعلكم تتقون، والجواب من وجهين: الأول: لا نسلم أن العبادة نفس التقوى، بل العبادة فعل يحصل به التقوى، لأن الاتقاء هو الاحتراز عن المضار، والعبادة فعل المأمور به، ونفس هذا الفعل ليس هو نفس الاحتراز عن المضار بل يوجب الاحتراز، فكأنه تعالى قال: اعبدوا ربكم لتحترزوا به عن عقابه، وإذا قيل في نفس الفعل إنه اتقاء فذلك مجاز لأن الاتقاء غير ما يحصل به الاتقاء، لكن لاتصال أحد الأمرين بالآخر أجرى اسمه عليه. الثاني: أنه تعالى إنما خلق المكلفين لكي يتقوا ويطيعوا على ما قال:
{ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }
[الذاريات: 56] فكأنه تعالى أمر بعبادة الرب الذي خلقهم لهذا الغرض، وهذا التأويل لائق بأصول المعتزلة.
{ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }
[الذاريات: 56] فكأنه تعالى أمر بعبادة الرب الذي خلقهم لهذا الغرض، وهذا التأويل لائق بأصول المعتزلة.
0 件のコメント:
コメントを投稿